أدومه وإن قل !!
-----------------
عبدالله المسلم
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ ، وأخبر :
"أن أحب الدين إلى الله ما داوم عليه صاحبه"
(رواه مسلم)
وكان هديه صلى الله عليه وسلم المداومة على العمل ، و"كان صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته"
(رواه مسلم)
وحين سئلت عائشة رضي الله عنها عن عمله صلى الله عليه وسلم قالت : "كان عمله ديمة .
(رواه البخاري)
والعمل الذي يداوم عليه صاحبه ، مع أنه أحب إلى الله تبارك وتعالى وأنه هدي النبي ؛ ففيه ما أخبر عنه بقوله :
"إذا مرض العبد أو سافر كُتِبَ له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً"
(رواه البخاري)
وهذا إنما يتأتى لمن له عمل يداوم عليه . ويتحدث أرباب السلوك عن هذا الحديث ومعانيه ، ويمثلون له كثيراً بالصلاة والذكر والصيام والصدقة ، ولا شك أن هذه الأعمال أوْلى ما تدخل فيه ، بل هي تدخل فيه بالنص .
لكن : ألا يمكن أن يستضيء الدعاة إلى الله تبارك وتعالى في دعوتهم بمعاني هذا الحديث ويتمثلوها ؟ ويعلموا أنه ما دام أن أحب العمل إلى الله أدومه ؛ فالدعوة إليه تبارك وتعالى وهي من أفضل الأعمال ، ينبغي أن تسلك هذا المسلك . والمداومة في الدعوة تعني : معاني عدة ، منها :
1- أن يكون للدعوة عموماً أهدافٌ واضحة محددة ، لا أن تكون خطوات مرتجلة مبعثرة .
2- أن لا تكون الدعوة مجرد ردود فعل لمواقف معينة ؛ إذ يتوجب أن تأخذ ردود الأفعال موقعها الطبيعي ؛ فلا تكون مصدراً لرسم برامج الدعوة وأهدافها .
3- أن لا تكون الدعوة دعوة مواسم ومناسبات ، أو محصورة بأوقات فراغ الداعية وإجازاته ، بل ينبغي أن تكون جزءاً أساساً من وقته ، ليسمع الناس داعي الخير في كل زمان ومكان .
4- لزوم الداعية موقعه والمحافظة عليه ؛ ذلك أنه تبدو أمامه كل وقت مجالات وفرص متعددة هنا وهناك ، وحين يتاح له موقع من المواقع يسد فيه ثغرة ، فينبغي أن يحافظ عليه ، ولا يجاوزه إلا لمصلحة ظاهرة ، أما أولئك الذين ينتقلون كل يوم من ميدان إلى آخر فما أقلّ إنتاجهم .
5- عدم احتقار الميادين المهمة التي لها أثر عميق لكنه غير عاجل الثمرة ، كميادين التربية والبناء ، فهي وإن قلّ أثرها القريب الظاهر ، إلا أنها ضرورة لا غنى للدعوة عنها . والذي يعي مفهوم المداومة يرى أنه ليس بالضرورة أن تكون الأعمال ذات الأثر العاجل السريع خيراً منها وأوْلى .
ومما يتأكد على الدعاة إلى سبيل الله تبارك وتعالى في ميدان المداومة : أن يكون لأحدهم نصيب وقدر من العمل الصالح ، من الصلاة والذكر والتلاوة والصيام والصدقة وإن كان قليلاً لا يخلّ به ؛ فهم أحوج الناس للصلة بالله تبارك وتعالى ، ولهم في ذلك أسوة بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم
نقلا عن مجلة البيــــــــــــــــــــــان
رمضااااان كريم