يقــول رب الــعزة جــل وعــلا : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ولايزيد
(الظالمين إلا خســــــــــارا
إشترط الله سبحانه وتعالى لحصول الشفاء الإيمان ، وقد أكد الله سبحانه
وتعالى على أن الشفاء في هذا القرآن ، والقصد بالشفاء ، الشفاء العام حيث
قال تعالى ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌَ ) فالشفاء عام
لجميع الاسقـــام.
:وقد سؤل الشيخ بن باز رحمة الله: هل التداوي والعلاج بالقرآن يشفي من
الأمراض العضوية كالسرطان كما هو يشفي من الأمراض الروحية كالعين والمس
وغيرهما؟ وهل لذلك دليل؟ جزاكم الله خيرا .
فأجاب رحمة الله : القرآن
والدعاء فيهما شفاء من كل سوء بإذن الله ، والأدلة على ذلك كثيرة ، منها
قوله تعالى( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ )وقوله سبحانه
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى شيئا قرأ في كفيه عند النوم سورة
( قُلْ هُوَ اللّه أحد أَحَدٌ) , و ( المعوذتين ) ( ثلاث مرات ) ، ثم يمسح
في كل مرة على ما استطاع من جسده فيبدأ برأسه ووجهه وصدره في كل مرة عند
النوم ، كما صح الحديث بذلك عن عائشة رضي الله عنها.
وكثير من الناس لا تنفع الأسباب ولا الرقية بالقرآن ولا غيره؛ لعدم
توافر الشروط ، وعدم انتفاء الموانع ، ولو كان كل مريض يشفى بالرقية أو
الدواء لم يمت أحد ، ولكن الله سبحانه هو الذي بيده الشفاء ، فإذا أراد ذلك
يسر أسبابه ، وإذا لم يشأ ذلك لم تنفعه الأسباب.
وذُكرفي الصحيحين أن ركباً من الصحابة رضي الله عنهم مروا على قوم من
العرب وقد لدغ سيدهم ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه ، فسألوا الركب المذكور
هل فيكم راق؟ فقالوا : نعم ، وشرطوا لهم جعلا على ذلك ، فرقاه بعضهم بفاتحة
الكتاب فشفاه الله في الحال ، وقام كأنما نشط من عقال ، فقال الذي رقى
لأصحابه : لا نفعل شيئا في الجعل حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم - وكان
أصحاب اللديغ لم يضيفوهم فلهذا شرطوا عليهم الجعل- فلما قدموا على النبي
صلى الله عليه وسلم أخبروه بما فعلوا ، فقال : " قد أصبتم واضربوا لي معكم
بسهم ففي هذا الحديث الرقية بالقرآن ، وقد شفى الله المريض في الحال ،
وصوبهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وهذا من الاستشفاء بالقرآن من
مرض الأبدان .
وفد أخبر الله سبحانه في آية أخرى في سورة يونس أن الوحي شفاء لما في
الصدور ، وهي قوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا النَّاس قَدْ جَاءَتْكُمْ
مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَـاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى
وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِين َ) وكون القرآن شفــاء لما في الصدور لا يمنع
كونه شفاء لمرض الأبدان ، ولكن شفاءه لما في الصدور أعظم الشفائين
وأهمهمــا ، ومع ذلك فأكثر الناس لم يشف صدره القرآن ولم يوفق للعمل به ،
كما قال سبحانه في سورة الإسراء : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ
شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا
خَسَارًا ) وذلك بسبب إعراضهم عنه وعدم قبول الدعوة إليه .
وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث
عشرة سنة يعالج المجتمع بالقرآن ويتلوه عليهم ويدعوهم إلى العمل به فلم
يقبل ذلك إلا القليل ، كما قال الله سبحانه : ( وَلَقَدْ صَدَّقَ
عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا
( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وقال سبحانه : ( وَمَا أَكْثَرُ النّاس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ