الاختلاف حول الاحتفال بالمولد النبوي ليس اختلافاً بين من يحب الرسول ويعظمه وبين من يبغض هويهمل شأنه بل الأمر على العكس من ذلك تماماً.
- الفاطميون الإسماعيليون هم أولمن ابتدع بدعة الاحتفال بالمولد النبوي.
- (الحقيقة المحمدية) في الفكـر الصوفيتختلف تماماً عما نؤمن به نحو النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
مقدمة
اطلعت على بعض المقالات التي يـروج أصحابها لفكرةالاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، واتخاذ يوم ولادته عيداً ليكون ملتقىروحياً للمسلمين -على حد تعبيرهم- ومحاسبة النفس على مدى الاتباع والتمسك بالدينالإسلامي كما يزعمون..
وبالرغـم من أن هذا الموضوع قديم، وقد كتب فيه المؤيدونوالمعارضون، ولن يزال الخلاف فيه -الا ما شاء الله- إلا أنني رأيت من واجبي تجليةبعض الحقائق التي تغيب عن جمهـور الناس عند نقاش هذه القضية.. وهذا الجمهور هو الذييهمني الآن أن أضع مجموعة من الحقائق بين يديه ليعلم حقيقة الدعوة إلى الاحتفالبمولده صلى الله عليه وسلم.. ولماذا ترفض هذه الدعوى من أهل التوحيد والدين الخالص والإسلام الصحيح.
ماذا يريد الدعاة
إلى الاحتفال بالمولد النبوي على التحديد؟
يصور دعاة الاحتفال والاحتفاء بيوم مولد الرسول صلىالله عليه وسلم على أنه هو مقتضى المحبة والتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم،وأن يوم مولده يوم مبارك ففيه أشرقت شمس الهـداية، وعم النور هذا الكون، وأن الرسولصلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين، ولما سئل عن ذلك قـال: [هذا يوم ولدت فيهوترفع الأعمال إلى الله فيه، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم]، وأنه إذا كان العظماءيحتفل بمولدهم ومناسباتهم فالرسول صلى الله عليه وسلم أولى لأنه أعظم العظماء وأشرف القادة..
ويعرض دعاة الاحتفال بالمولد هذه القضية على أنها خصومة بين أحباب الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أعدائه وخلاف بين من يعظمون الرسول صلى الله عليهوسلم ويقدرونه وينتصرون له، وبين من يهملونه، ولا يحبونه ولا يضعونه في الموضع اللائق به.
ولا شك أن عرض القضية على هذا النحو هـو من أعظم التلبيس وأكبرالغش لجمهور الناس، وعامة المسلمين، فالقضية ليست على هذا النحو بتاتاً فالذين لايرون جواز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم خوفاً من الإبتداع في الدين هم أسعد الناس حظاً بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته، فهم أكثر الناس تمسكاً بسنته، واقتفاءاً لآثاره، وتتبعاً لحركاته وسكناته، وإقتـداء به في كل أعماله صلى الله عليه وسلم، وهم كذلك أعلم الناس بسنته وهديه ودينه الذي أرسل به، وأحفظ الناس لحديثه، وأعرف الناس بما صح عنه وما افتراه الكذابـون عليه، ومن أجل ذلك هم الذابون عن سنته، والمدافعون في كل عصر عن دينه وملته وشريعته بل إن رفضهم للإحتفال بيوم مولده وجعله عيداً إنما ينبع من محبتهم وطاعتهم له فهم لا يريدون مخالفة أمره، ولاالإفتئات عليه، ولا الإستدراك على شريعته لأنهم يعلمون جازمين أن إضافة أي شيء إلى الدين إنما هو استدراك على الرسول صلى الله عليه وسلم لأن معني ذلك أنه لم يكمل الدين، ولم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم كل ما أنزل الله إليه أو أنه استحيا أن يبلغ الناس بمكانته ومنزلته، وما ينبغي له، وهذا أيضا نقص فيه، لأن وضع الرسول صلى الله عليه وسلم في مكانته من الدين الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ هوقـد فعل صلى الله عليه وسلم، فقد بين ما يجب على الأمة نحوه أتم البيان فقال مثلا [لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين] (أخرجه البخاريومسلم)
* وقال عمر بن الخطاب: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال : [لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك] فقـال -أي عمر- : فأنت الآن أحب إلي مننفسي، فقال: [الآن يا عمر] (أخرجه البخاري).. والشاهد أن الرسول صلى الله عليهوسلم لا يستحي من بيان الحق، ولا يجوز له كتمانه، ولا شك أن من أعظم الحق أن يشرح للناس واجبهم نحوه، وحقه عليهم، ولو كان من هذا الحق الذي له أن يحتفلوا بيوم مولده لبينه وأرشد الأمة إليه.
وأما كونه كان يصوم يوم الاثنين وأنه علل ذلك أنه يومولد فيه، ويوم ترفع الأعمال إلي الله فيه، فإن أحباب الرسول صلى الله عليه وسلم على الحقيقة يصومون هذا اليوم من كل أسبوع اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
وأما أولئك الملبسون فإنهم يجعلون الثاني عشر من ربيع الأول يوم عيد ولو كانخميساً أو ثلاثاءً أو جمعةً.
وهذا لم يقله ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يثبت أنه صام الثاني عشر من ربيع الأول، ولا أمر بصيامه.
فاستنادهم إلى إحيـاء ذكرى المولد، وجعل الثاني عشر من ربيع الأول عيداً لأن الرسول صلى اللهعليه وسلم صام يوم الاثنين تلبيس على عامة الناس وتضليل لهم.
والخلاصة:
أن الذينيُتهمون بأنهم أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم ومنكرو فضله، وجاحدوا نعمته، كمايدّعي الكذابون هم أسعد الناس حظا بإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحبته، وهمالذين علموا دينه وسنته على الحقيقة.
وأما أولئك الدعاة إلي الاحتفال بالمولد فدعوتهم هذه نفسها هي أول الحرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول الكذب عليه،والاستهانة بحقه.
لأنها مزاحمةٌ له في التشريع واتهام له أنه ما بيّن الدين كماينبغي، وترك منه ما يستحسن، وأهمل ما كان ينبغي ألا يغفل عنه من شعائر محبته وتعظيمه وتوقيره، وهذا أبلغ الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه نقطة الفصل في هذه القضية، وبداية الطريق لمعرفة من اهتدى ومن ضل فيها.
فدعاة المولد -بدعوتهم إليه- مخالفون لأمره صلى الله عليه وسلم، مفتئتون عليه، مستدركون على شريعته، ونفاة المولد متبعون للرسول صلى الله عليه وسلم، متابعون لسنته، محبون له،معظمون لأمره غاية التعظيم متهيبون أن يستدركوا عليه ما لم يأمر به، لأنه هو نفسه صلى الله عليه وسلم حذرهم من ذلك فقال : [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد] (أخرجه البخاري ومسلم) و [من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد] (أخرجه البخاري ومسلم)
مَنْ هَؤُلاَءِ؟ ومَنْهَؤُلاَءِ؟
وهنا يأتي السؤال من الداعون إلى المولد ومن الرافضون له؟ والجواب أن الرافضين للمولد هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الكـرام، ونقول الرافضين -تجوزاً- فالمولد هذا ما كان في عصرهم قط، ولم يعرفوه أبدا، ولا خطر ببالهم أصلا، وعلى هذا كان التابعون وتابعوهم وأئمة السلف جميعاً ومنهم الأئمة الأربعة أعلام المذاهب الفقهية المشهورة.
وعلماء الحديث قاطبةً إلا من شذ منهم في عصور متأخرة عن القرون الثلاثة الأولى قرون الخير، وكل منسار على دربهم ومنوالهم إلى يومنا هذا. وهؤلاء هم السلف والأمة المهتدية الذين أمرنا الله باتباعهم والترضي عنهم، وفيهم الخلفاء الراشدون المهديون الذين أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم فقال : [عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة] (أخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) والترمذي وابن ماجه من حديث العرباض بن سارية وصححهالألباني)
فهل كان هؤلاء من جعل يوم مولده عيداً، ومن خصه بشيء من العبادات أو العادات أو التذكير أو الخطب، أو المواعظ.
وإذا كانت الأمة الصالحة هي ماذكرنا وهي التي لم تحتفل بيوم مولده، وتركت ذلك تعظيماً للرسول صلى الله عليه وسلملا إهانة له، ومعرفة بحقه لا جحوداً لحقه، فمن إذن الذين ابتدعوا الاحتفال بمولده،وأرادوا -في زعمهم- أن يعظموا الرسول صلى الله عليه وسلم بما يعظمه به سلف الأمةالصالح، وأرادوا أن يحيُّوُهُ صلى الله عليه وسلم بما لم يُحَيِّه به الله؟
والجواب:أن أول من ابتدع ذلك هم ملوك الدولة الفاطمية في القرن الرابع الهجري ومن تسمى منهمباسم (المعز لدين الله) ومعلوم أنه وقومه جميعا إسماعيليون زنادقة، متفلسفون.أدعياء للنسب النبوي الشريف، فهم من ذرية عبد الله بن ميمون القداح اليهودي الباطنيوقد ادعوا المهدية وحكموا المسلمين بالتضليل والغواية، وحولوا الدين الى كفر وزندقةوإلحاد، فهذا الذي تسمى (بالحاكم بأمر الله)، هو الذي ادعى الألوهية وأسس جملة منالمذاهب الباطنية الدرزية احدها، وأرغم المصريين على سب أبي بكر وعمر وعائشة وعلقذلك في مساجد المسلمين ومنع المصريين من صلاة التراويح، ومن العمل نهاراً إلى العملليلاً ونشر الرعب والقتل واستحل الأموال وأفسد في الأرض، مما تعجز المجلدات عنالإحاطة به. وفي عهد هؤلاء الفاطميين أيضا وبإفسادهم في الأرض أكل المصريون القططوالكلاب وأكلوا الموتى، بل وأكلوا أطفالهم. وفي عهد هؤلاء الذين ابتدعوا بدعةالمولد تمكن الفاطميون والقرامطة من قتل الحجاج وتخريب الحج، وخلع الحجر الأسود.
والخلاصة:أن بدعة المولد نشأت من هنا، وهل يقول عاقل أن هؤلاء الزنادقة الملحدون قداهتدوا إلي شيء من الحق لم يعرفه الصديق