هو سعد بن الربيع بن عمرو بن كعب ، الأنصاري الخزرجي أحد نقباء الأنصار
شهد بدرا"، آخى النبي بينه وبين عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، فعزم على أن يعطي عبد
الرحمن شطر ماله ويطلق إحدى زوجتيه ليتزوج بها فامتنع عبد الرحمن من ذلك ودعا له وكان أحدالنقباء ليلة العقبة
أثر الرسول في تربيته :
لقد كانت تربية النبي لسيدنا سعد بن الربيع أثراً كبيراً في نفسه فهو الذي استطاع أن
يؤثر أخاه عبد الرحمن بن عوف بماله وزوجته يقول أنس رضي الله عنه : "قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى
النبي بينه وبين سعد بن الربيع ـ وكان كثير الأموال ـ فقال سعد لعبدرحمن بن عوف : قد
علمت الأنصار أني من أكثرها مالاً، سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فأطلقها
حتى إذا حلت تزوجتها. فقال عبد الرحمن: "بارك الله لك في أهلك".
وفي رواية البخاري " فقال عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك "
مـلامـح شـخـصـيته :
حبه الشديد للرسول :
لقد ملك حب النبي قلوب أصحابه رضي الله عنهم حتى قادهم هذا الحب إلى أن يضحوا بأنفسهم
فداء للنبي وممن ملك الحب قلوبهم سعد بن الربيع فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال :
"بعثني النبي يوم أحد اطلب سعد بن الربيع فقال لي : إن رأيته فأقرأه مني السلام ، وقل
له يقول لك رسول الله : كيف تجدك؟
فطفت بين القتلى فأصبته وهو في أخر رمق، وبه سبعون ضربة فأخبرته فقال : على رسول الله السلام وعليك، قل
له: يا رسول الله أجـــد ريـــح الـــجنـة ، وقل لقومي الأنصار: لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله
وفيكم شفر يطرف ، قال: وفاضت نفسه رضي الله عنه.
ونقل ابن عبد البر عن مالك بن أنس :
"أن النبي قال: من يأتينا بخبر سعد ؟ فقال رجل: أنا فذهب يطوف بين القتلى فوجده، وبه
رمق، فقال بعثني رسول الله لأتيه بخبرك، قال: فاذهب فأقرأه مني السلام وأخبره أنني قد طعنت
اثنتي عشرة طعنة، وقد أنفذت مقاتلي، وأخبر قومك أنه لا عذر لهم عند الله إن قتل رسول الله
وواحد منهم حي ،
ويعلق صاحب فرسان النهار من الصحابة الأخيار بقوله :
فإنه ـ وهو في تلك اللحظات التي يودع فيها الدنيا لم يفكر في زوجته ولا في أولاده وإنما ظل فكره مشغولاً بمصير
الرسول صلى الله عليه سلم فقد أنساه حبه العظيم لنبيه كل شئ حتى نفسه وظل حتى فارق
الدنيا وهو شديد الخوف على النبي وشديد الحرص على أن لا يمس بسوء
ولا أدل على ذلك من أنه قبل أن تصعد روحه إلى بارئها حمّل الأنصاري رسالة إلى الرسول
ملؤها المحبة ، والإخلاص، والوفاء.
الإيــــثـــــار :
وما يدل على ذلك ما حدث بينه وبين عبد الرحمن بن عوف لما طلب من سيدنا عبد الرحمن أن يقاسمه في أمواله وأن
يطلق له زوجته ليتزوجها سيدنا عبد الرحمن.
ـ مــــوقــفـه مــــع زوجــــتـه :
نزلت هذه الآية: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ" في سعد بن الربيع وكان من النقباء وفي امرأته حبيبة بن زيد
بن أبي زهير،
قاله مقاتل، وقال الكلبي : امرأته حبيبة بنت محمد بن مسلمة ، وذلك إنها نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها
معها إلى النبي فقال : أفرشته كريمتي فلطمها ، فقال النبي : لتقتص من
زوجها، فانصرفت مع أبيها لتقتص منه ، فجاء جبريل عليه السلام فقال النبي : ارجعوا ،
هذا جبريل أتاني بشيء فأنزل الله هذه الآية ، فقال النبي :" أردنا أمرا وأراد الله أمرا
والذي أراد الله خير"
، ورُفع القصاص.
وفـــاتـه :
ذكر ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده في هذا الخبر أن رسول الله قال
يوم أحد : من يأتيني بخبر سعد بن الربيع فإني رأيت الأسنة قد أشرعت إليه فقال أبي بن كعب: انا وذكر الخبر
وفيه اقرأ على قومي السلام وقل لهم يقول لكم سعد بن الربيع الله الله وما عاهدتم عليه رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليلة العقبة فوالله ما لكم عند رسول الله عذر أن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف وقال أ’بي فلم برح حتى
مات فرجعت إلى النبي فأخبرته فقال :
رحمه الله نصح لله حياً وميتاً ،
وفــي روايــــة أخـــرى :
أظهر الصحابي سعد بن الربيع بطولة وشجاعة نادرة ، يوم أحد وبطولة غير مسبوقة فقد طعن سبعين طعنة وقتل
من الكفار الكثير
وبعد انتهاء المعركة يعلن رسول الله- - لمن حوله من الصحابة: هل من رجل ينظر لي ما فعل
سعد بن الربيع؟
فقال رجل من الأنصار: أنا.
فخرج يطوف في القتلى، حتى وجد سعدا جريحاً.
فقال: ياسعد إن رسول الله أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات؟
قال سعد : فإني في الأموات ، فأبلغ رسول الله مني السلام وقل: إن سعدا يقول: جزاك الله عني خير ما جزى نبيا عن
أمته، وأبلغ قومك مني السلام وقل لهم: إن سعدا يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم ومنكم
عين تطرف.
وهكذا نال الشهادة في سبيل الله يوم أحد، وترك سعد بن الربيع -رضي الله عنه - امرأته حاملا" فوضعت له بعد
استشهاده الصحابية جميلة ،
فرعاها أبو بكر الصديق في حجره ، فكان يعرف قدر أبيها وقدرها حتى حين كبرت ونضجت وشبت عن الطوق ، وتولى
هو الخلافة بعد وفاة رسول الله - - فكان يلقي لها رداءه لتجلس عليه ، وتعجب عمر بن
الخطاب - رضي الله عنه- لفعل أبي بكر - رضي الله عنه - فيقول له : من هذه؟
قال الصديق: هذه ابنة من هو خير مني ومنك قال عمر: ومن هو يا خليفة رسول الله؟! قال: رجل تبوأ مقعده من
الجنة وبقيت أنا وأنت ، هذه ابنة سعد بن الربيع ، كان من النقباء يوم العقبة ، وشهد بدرا واستشهد
يوم أحد - رضي الله عنه
وقد نزلت آية الميراث في حق جميلة بنت سعد بن الربيع :
حيث كانت النساء في الجاهلية وصدر الإسلام لا ترث ، وسعد بن الربيع مات وترك ابنتين وزوجته ، فأخذ أخوه كل
ما يملك ،
فذهبت زوجة سعد بأبنتيها إلى رسول الله - - فقالت:
يا رسول الله - - هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قتل أبوهما معك في يوم أحد شهيدا، وإن
عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا ولهما مال فقال : يقضي الله في ذلك ،
فنزلت آية المواريث ، فبعث إلى عمهما فقال الله : أعط بنتي سعد الثلثين وأعط أمهما
الثمن، وما بقي فهو لك.
رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي وابن الملقن، وحسنه الألباني.
ولفظُ أبي داود: فنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ ﴾ الآيَةَ.
اسـتــشـــهـاد ه :
في غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة.