آتيني بكأس كي أثمل
على عمر قد ضاع بعيداً
عن وطن لا أذكُر فيه غير الأطفال
غير العواجيز وحكايَاهم
عن جن ساكنٍ في قصرٍ
لم يبق منه في قريتنا غيرُ الأطلال
آتيني بكأسِ
علٌي أتذكر شواطئناَ
وأمثل دور البحار
في حلمٍ كان يراودُني
وأنا أركض خلف العصفور
أن أبحُرَ وألف الدنيا
على قارب خشبي مكسور
لكني عشت بلا مأوى
وبدون هوية رحالاً
مثل العصفور
آتيني بكأس
كي أثمل على نهد قد أصابه فتور
فنبيذك يجعلني رجلاً
أشتاق لكي أغدو جسوراً
فالخمر في رأسي يذُكره
يجعله يدور ويدور
في هذه البقعة كنا نلهو
نركض
نمرح
ونضل طريق عودتنا
ونظل ندور وندور
لم يأخذني الظن في يومِ
أن وطني مثل الأطفال
يوما سيتوه
ويظل الجن في قريتنا
ويظل القصر المهجور
آتيني بكأس
اثنين ... ثلاثة
آتيني بقنينة عتق الأوطان
فأنا ربان
وسأرحل
أسأل أطراف المعمورة
أسأل عن وطني الشطآن
أسأل تجاعيد عجائزنا
أنبش أقمشة الأكفان
أسأل عصفوراً قد أيقن
أن الأشجار في بلدتنا
تقتل بيديها الأغصان
آتيني بكأس
كي أثمل على وطن
قد يغدو في يومٍ قبرا
أو يغدو في يومٍ بستان