الدعاء .. الدعاء .. السلاح الغائب
من فوائد الدعاء:
قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يغنى حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة) رواه أحمد والحاكم وصححه عن عائشة مرفوعا..
وهذا الحديث يوضح أن الوقاية من المصائب تكون بالدعاء بينما لا ينجح الحذر في رد هذه المصائب ولكن مع اعتبار قول الله: (وخذوا حذركم).
واسمع لهذه القصة:
جاء رجل إلى أبى الدرداء فقال يا أبى الدرداء: لقد احترق بيتك فقال ما احترق، ولم يكن الله ليفعل ذلك، بكلمات سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قالها في أول نهاره لم تصبه مصيبة حتى يمسى ومن قالها آخر النهار لم تصبه مصيبة حتى يصبح. وقد قلتها اليوم.
(اللهم أنت ربى، لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم أعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم) ثم قال: انهضوا بنا، فقام وقاموا معه فانتهوا إلى داره وقد احترق ما حولها، ولم يصبها شيء. انظر الوابل الصيب لابن القيم، الأذكار للنووي.
سهام الدعاء تطفئ نيران القذائف:
ذكر الشيخ عبدالله عزام في كتابه (آيات الرحمن في جهاد الأفغان) حدثني أرسلان قال: هاجمتنا الدبابات، وكان عددها حوالي 120 دبابة، ومعهم سيارات كثيرة، ونفذت ذخيرتنا حتى تأكدنا من الأسر، فلجأنا إلى الله بالدعاء، وبعد قليل إذا بالرشاشات تفتح على الشيوعيين من كل مكان، وهزم الشيوعيون، ولم يكن بالمنطقة أحد غيرنا إنها الملائكة.
ونفك الأسرى بالدعاء
جاء مالك الأشجعي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم * فقال: أسر ابني عوف، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرسل إليه أن رسول الله يأمرك أن تكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وكانوا قد شدوا قيده، فسقط القيد فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبها وأقبل فمر بغنم للعدو فاستاقها فجاء بها إلى أبيه وقص عليه الخبر فقال أبوه قف حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عنها، فلما أخبره بذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: (اصنع بها ما أحببت) ونزل قول الله - تعالى -: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) ابن جرير في تفسيره.
أخي: أمن يجيب المضطر إذا دعاه؟!
أخي: هل عندك أسير تريد فك أسره؟!
أخي: ألست في حاجة إلى الله: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله).
أخي: في كل ذلك عليك بالتضرع إلى الله..
الدعاء إلهام من الله
1 - لما عصى آدم ربه - جل وعلا - وأكل هو وزوجته من الشجرة المحرمة شعر بالندم فألهمه الله صيغة الاعتذار: (سبحان الرحيم الغفور يخطئ عبده في حقه وهو الذي ييسر له ماذا يفعل) يقول ربنا - جل وعز -: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم).
وكانت هذه الكلمات هي: (ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).
2 يقول عمر -رضي الله عنه- أنا لا أحمل هم الإجابة (لأنه يوقن أن الله يجيب لأنه هو الذي وعد من دعا بذلك في قوله وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) وإنما أحمل هم الدعاء فإذا ألهمت الدعاء كانت الإجابة معه.
وهذا كلام نفيس فمن ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة، فإن الله - تعالى * قال: (ادعوني أستجب لكم) (وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) فإذا خرج الدعاء من قلب ناظر إلى الله راغب فيما عنده زاهد عمن سواه لم يكن بينه وبين الإجابة حائل.
آوى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى كومة من الرمل بعد أن أجهده الطواف والسعي من مصالح المسلمين، فلما وجد مس الراحة على الرمال قال: اللهم كبرت سني وووهنت قوتي وفشت رعيتى، فاقبضنى إليك غير مضيع ولا مفتون واكتب لي الشهادة في سبيلك والموت في مدينة رسولك.
هل في هذا الدعاء طلب من عمر أن يزداد مالا أو تتحقق له شهوة؟
هل في هذا الدعاء شيء للدنيا؟
وهل دعا بهذا الدعاء لأنه يئس من الحياة؟ أم قاله وهو يسوس الشرق والغرب ويسعى في مصالح المسلمين؟
والدعاء قدر الله.. وما أرى عمر سأل الله إلا ما قدره الله له.. من منا يحب أن يطعن في بطنه فتتمزق الأحشاء حتى يندلق منها الطعام والشراب؟ هذا الحادث القاسى كان قدرا من أقدار الله التي خبأها لعمر فألهم الله عمر هذا الدعاء لتصبح هذه الميتة أمنية من أمنياته.. إنه لم ير الحادثة بهذه الصورة التي أوضحناها وإنما رآها شهادة في سبيل الله توجب له الجنة..
صورة أخرى توضح الإلهام في الدعاء:
في دعاء سعد بن معاذ -رضي الله عنه-.. تطابق كامل بين صيغة الدعاء وبين خطوات القدر حينما يقول: (اللهم إن كنت قد أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقنى.. فإنه لا قوم أحب إلى من أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه و أخرجوه، و إن كنت وضعت الحرب بينه وبينهم فاجعل ما أصابنى اليوم طريقا للشهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة). وهذا ما حدث لقد انتهت الحرب مع قريش.
وحكمه الله في بني قريظة فحكم بقتل الرجال وسبى الذرارى والنساء وتقسيم الأموال حتى هتف النبي - صلى الله عليه وسلم - : لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع سماوات....
فيا أخي عليك أن تطرق باب الله فالباب مفتوح حتى لو أن الإجابة تأخرت فاعلم أن الله قال: (وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم) واعلم أن قدر الله لا يأتي بشر، بل إن قدر الله كله خير حتى ولو كان ظاهره غير ذلك.
وقديما قالوا: من أدمن قرع الباب أوشك أن يفتح له وهل من باب يدمن العبد قرعه إلا باب الله
لا تسألن بني آدم حاجة *** وسل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله *** وبني آدم حين يُسأل يغضب
ومرة أخرى: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد).
وإلى اللقاء في حلقة ثانية بعنوان: الدعاء علاج نفسي.